فاجعه تنهي حياة 7 اطفال
"نحن، الذين يعرفنا العامة بعديمي المشاعر، فقط لأننا نشرب القهوة في ثلاجة الموتى، والناس لا تجرؤ على دخولها إلا بثلاث كمامات على الاقل ، أو لأنهم لا يستطيعون الوقوف دقيقة واحدة بجانبها بسبب الرائحة الجميلة … ومع كل هذه القدرة المزعومة على مواجهة الموت ، لم نستطع أن نتمالك أنفسنا أمام هؤلاء الأطفال.
كانت عيونهم تقول أكثر مما نستطيع فهمه، وأيديهم الصغيرة لم تعرف سوى البراءة، وغيابهم ترك فراغًا يثقل القلب ويؤلم النفس.
هذه ليست #ترندًا ، ولا خبرًا عابرًا… إنها مأساة تثبت أمام كل إنسان أن القسوة أحيانًا تتجسد في أرواح بريئة، وأنه مهما ظن الإنسان نفسه صامدًا، هناك لحظات تتوقف فيها الكلمات عاجزة، والدموع تصرخ بلا صوت
اليوم 21/10/2025 كان مختلفًا عن كل الأيام التي مرّت عليّ منذ أن بدأت عملي في الطب الشرعي.
يوم حمل بين جدرانه مأساة لا تشبه غيرها، ومشهدًا يفوق قدرة أي إنسان على الاحتمال.
سبعة أطفال .. اخوة … خمسة أولاد واثنتان من البنات، وُجدوا داخل سيارة، صامتين إلى الأبد، في طريقٍ كان يُفترض أن يقودهم إلى المدرسة، لا إلى نهايتهم.
وجوههم كانت ساكنة، وملامحهم ما زالت تحمل بقايا ابتسامة الصباح.
كأنهم لم يدركوا ما حدث، كأنهم رحلوا قبل أن يعرفوا أن الأمان قد خانهم.
لكن المشهد الذي كسرني حقًا، كان للتوأم…
طفلان صغيران، ( عبدالرحمن و عبدالرحيم ) متعانقان في حضن بعضهما، كأن الغريزة دفعت أحدهما لحماية الآخر، وكأنهما قررا أن يرحلا كما وُلدا… معًا.
تلك الصورة وحدها كانت كفيلة بإسقاط كل صلابةٍ رجل واقف في هذه المشرحة.
ثم كانت #ميار ( ان لم تخني الذاكرة بتذكر اسمها ) … البنت البكرية ، التي كان يفترض أن تقود إخوتها إلى المدرسة، لا إلى نهايتهم.
وشاحها الأبيض كان مبلّلًا بدم رأسها، وحذاؤها الأبيض صار يختلط بدماء إخوتها، وزيّها الرصاصي ( القرامبولي ) غمرته فوضى الألوان الدامية.
كانت يداها ممدودتين إلى الأمام، كأنها تحاول أن تغطيهم، أن تصنع حولهم جدارًا من جسدها الصغير، لكن الرصاص اخترق يديها، وترك فيها علامةً خالدة على معنى الحماية الأخيرة.
ذلك المشهد .. مشهد “ميار”، كان أقوى من قدرتي على الاحتمال ، كانت تحمي اخوتها و #تنتظر دورها !
لم أستطع أن أتماسك، وانهمرت دموعي وسط المشرحة و أمام الجميع.
كنت أحاول أن أبدو الهادئ المعتاد على الموت، لكن أمامها لم أكن صلبا … كنت إنسانًا مكسورًا يرى الطفولة تودّع الحياة بطريقة لا تليق بها.
لم تكن “ميار” ميتةً فقط… كانت رمزًا ؛ رمزًا لطفولةٍ ممزوجة بالبطولة قاومت حتى اللحظة الأخيرة، ولأختٍ كانت تلعب دور الام في لحظة غياب امها ، كُتبت بطولتها في سطرٍ من دم.
وقفت أمامهم طويلًا…
لا أملك سوى الصمت، ولا لغة تشريحٍ تفسّر هذا الكم من الوجع.
الطب يجيبك عن كيف ماتوا، لكنه لا يجرؤ أن يشرح لماذا ؟
في تلك اللحظة أدركت أن الطب الشرعي لا يتعامل مع الجثث فقط، بل مع ما تبقّى من إنسانيةٍ فينا، ومع قدرتنا على الاحتمال.
ولأن الحقيقة لا تُبنى على الصدمة، فلا تزال التحقيقات جارية لمعرفة ما إذا كان الفاعل هو الأب نفسه أم شخصًا آخر، فالتحقيقات وحدها ستكشف ما خفي، وتُثبت كل شيء....
الله المستعان
| بواسطة / جبران | ||
| مشاهدات | 37 | |
| في | 2025-10-22 14:31:37 | |
الحقوق محفوظة لـ سـآگن آلروح،
شات فنون ليبيا للجوال2025 ©