السلام علیڪم و رحمة اللە و برڪاتە
السلام علیڪم و رحمة اللە و برڪاتە
قال اللّٰه عزَّ وجلَّ:
{فكلًّا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا ومنهم من أخذته الصَّيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان اللّٰه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} [العنكبوت: ٤٠].
يعني: أنَّهم بسبب ذنوبهم أخذوا، وعلى قدر ذنوبهم أخذوا، وما تجاوز اللّٰه بهم أكثر ممَّا يستحقُّون، بل بالسَّبب والقدر.
والذُّنوب هي المعاصي سواء كانت كبيرة أو صغيرة، وهي هنا بلا شكّ من أكبر الكبائر.
{فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا}، قال: {أرسلنا عليه}
ولم يقل: أرسلنا إليه؛ لأنَّ هذا إرسال عذاب فهو عال عليهم، وليس إرسال خطاب حتَّى نقول: إنَّ غاية هذا الخطاب المرسل إليه، بل هو إرسال عذاب.
وقوله: [{ومنهم من أخذته الصَّيحة} كثمود]:
أي: قوم صالح، وكذلك كقوم شعيب أصحاب مدين، ففي آيات أخرى أنَّهم أخذتهم الصَّيحة.
قوله: [{ومنهم من خسفنا به الأرض} كقارون]:
خسف اللّٰه به وبداره الأرض، وبقي فيها إلى يوم القيامة، وما نفعه بيته الَّذي احتمى فيه ولا ماله الَّذي كنزه.
قوله عزَّ وجلَّ:
[{ومنهم من أغرقنا} كقوم نوح وفرعون وقومه]: فرعون وقومه أهلكوا بالغرق، غرقوا في البحر الأحمر، أغرق اللّٰه فرعون بما كان يفتخر به، قال لقومه: {ياقوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون}
[الزُّخرف: ٥١]،
فأخرجه اللّٰه من مصر وأهلكه بمثل ما افتخر به -بالماء- فأهلكه اللّٰه عزَّ وجلَّ، مع أن فرعون حين إهلاكه كان يظنُّ أنَّه منتصر لأنَّه أرسل في المدائن حاشرين، وجمع النَّاس واتَّبعوا موسى وقومه على أنَّ الأمر يسير وأنَّهم في قبضتهم؛ لأنَّهم ظنُّوا أنَّ موسى وقومه إمَّا أن يسقطوا في البحر أو يأخذوهم أخذًا لا هوادة فيه، فكان -والحمد للّٰه- الأمر على عكس ما ظنُّوا؛ أهلك اللّٰه فرعون وقومه وأنجى موسى وقومه.
وأمَّا قوم نوح عليه السَّلام فأغرقوا بالطُّوفان العظيم، فأمر اللّٰه سبحانه وتعالى السَّماء ففتحت أبوابها بماء منهمر، وفجَّر اللّٰه الأرض عيونًا، انظر إلى التَّعبير القرآني،
لم يقل: فجَّرنا عيون الأرض؛ لأنَّه لو عبَّر بهذا لكان شيء كثير من اليابس لم يتفجَّر، لكنَّ التَّعبير القرآني: {وفجَّرنا الأرض عيونًا} [القمر: ١٢]،
كأنَّ الأرض كلُّها صارت عيونًا، حتَّى إنَّ التَّنور الَّذي هو محلّ إيقاد النَّار وأبعد ما يكون عن ظهور الماء صار يفور عيونًا، سبحان اللّٰه العظيم!
وقوله: {وما كان اللّٰه ليظلمهم} فيعذِّبهم بغير ذنب]، لمَّا نفى أن يكون اللّٰه ظلمهم بيَّن من أين وقع هذا الظُّلم فقال: {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} بارتكاب الذَّنب].
وجملة: {يظلمون} خبر (كان) و (الواو) اسمها.
و{أنفسهم} مفعول مقدَّم لـ {يظلمون}، وتقديمه له فائدتان: فائدة لفظيَّة وفائدة معنويَّة.
الفائدة اللفظيَّة:
مراعاة الفواصل، يعني:
أواخر الآيات لأنَّه لو قال: وكانوا يظلمون أنفسهم، لم تتناسب مع ما قبلها وما بعدها.
والفائدة المعنويَّة:
هي الحصر والاختصاص، يعني:
ما ظلموا إلَّا أنفسهم في الحقيقة، أي: هم الَّذين ظلموا أنفسهم، ولكن كما قال تعالى في آيات أخرى:
{وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظَّالمين} [الزُّخرف: ٧٦].
تفسير العثيميـن: العنكبوت ص: (200-203).
بواسطة / آلأمــــــــَِل.ّ | ||
مشاهدات | 18 | |
في | 2025-01-13 16:40:13 |
الحقوق محفوظة لـ سـآگن آلروح،
شات فنون ليبيا للجوال2025 ©