من صاحبُ ذلك القصر العظيم فى الجنه ؟
من صاحبُ ذلك القصر العظيم فى الجنه ؟
من سعيد الحظ هذا الذي يُبَّشَر بكل هذا النعيم وما زالت قدماه تخطان فى الأرض ؟
من المُبَّشَرُ ومن البَشِير ؟
شعور من خيال !
فى ليلة معراج النبى ( ﷺ ) إلى السماء دخل الجنة فرأي قصراً من ذهب بَلغ فى الحُسن مُنتهاه وغايتَه وبجواره الجوارى من الحور, فسأل النبى ( ﷺ ) لمن هذا القصر فقال المَلَك الذي معه هو لفتىً من قريش, فظن ( ﷺ ) أن هذا القصرَ إنما هو له وذلك لشدة روعته وعظمته وجماله, ولكنه سأل من هو هذا الفتى القُرَشِيُّ المحظوظ؟ قال المَلَك / هو لعمر بن الخطاب ..
رجع النبىُّ ( ﷺ ) إلى مكة بعد رحلة الإسراء والمعراج, تِلْكُم الرحلة العجيبة حاملاً معه العديد من الأخبار ومن ضمنها هذه البُشرى لعمر وقال /يا أبا حفص لولا ما أعلم من غيرتك لدخلت القصر, فبكى عمر وقال / أعليك أغارُ يا رسول الله ..
من هو عمر بن الخطاب هذا صاحب القصر؟
كيف كانت حياته ؟
كيف نشأ قبل الإسلام وبعده ؟
كيف نال هذا النعيمَ فى الجنه ؟
أسألة تجول فى خواطرنا, تحتاج إلى أجوبة !
فتعالوا معنا نُقَلِّب صفحات التاريخ لنتعرف على سيرة هذا الرجل العظيم المُبَشَرِ بالجنة على لسان الرسول الكريم ( ﷺ ) .
إنه عمر بن الخطاب بن نُفَيْل بن عبد العُزَّي العَدَوى القُرَشِي, ولد فى مكة بعد عام الفيل بثلاثَ عشرة سنة, وكان منزل عمر فى الجاهلية فى أصل الجبل الذي يُقال له اليوم جبل عمر, وكان اسم الجبل فى الجاهلية العَاقِر, وبه منازل بنى عدى بن كعب ..
نشأ فى قريش وترعرع فى بيئة وثنية فى ظل والده الخطاب, وكان فظَّاً عليه يُكَلفه بالأعمال الشاقة ويضربه ضرباً مُبَرِّحَاً إذا قَصَّر فى ذلك العمل, وقد أثرت هذه المعاملة فى شخصيته, تعلم الفروسية والقتال حتى أضحى من أبطال قريش فى الجاهلية, مهابَ الشخصية مرغوب الجَانِب, يدافع عن عبادة الأصنام بقوة, أجاد الكتابة والخطابة والمُفَاخرة, تذوق الشعر ورواه, واعتلى منزلة رفيعة بين القرشيين فى الجاهلية, فكان مُكَلَّف بالسَفارة لهم والمُفَاخرةِ عنهم, ومما روي عن فروسيته أنه كان يأخذ ُأذُنَه اليسرى بيده اليُمنى فيَثِب على الفَرَس ويجلس عليه ..
كان عمر فى الجاهلية شديد الدفاع عن الوثنية التى يعتنقها, فاضطهد من آمن بالنبى ( ﷺ ) من بنى عدى بن كعب وكان ممن نالهم إيذاء عمر على الإسلام أقرب الناس إليه أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل ..
قال سعيد وهو ابن عم عمر: والله لقد رأيتنى وإن عمر لمُوثِقِى على الإسلام قبل أن يُسلم ..
وممن روي تعذيب عمر لهم جارية بنى المُؤمِل وهم حى من بنى عدى بن كعب فكان عمر يضربها حتى إذا مَلَّ قال: إنى اعتذر إليكى, إنى لم اتركك إلا مَلاَلةً, فابتَاعَها أبو بكر الصديق فأعتقها ..
ومن مساوئ الجاهلية التى ُذكر أن عمر اتصف بها فى جاهليته, حاله حال غيره من أهل مكة تعاطى الخمور وشربها, فقد روي عنه قوله / وإنى كنت لأشرَبَ الناس لها فى الجاهلية, فلما أسلم ونزل قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ٩٠إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ٩١﴾
فلما سمعها عمر قال / انتهينا انتهينا /
واشتغل عمر فى بادئ أمره برعى الإبل, فقد ورد أنه مرَّ بِشْعبٍ من شِعَابِ مكة بعد توليه الخلافة فوقف ووقف الناس معه فقال: لقد كنت فى هذا المكان وأنا فى إبل الخطاب, وكان فظاً غليظاً, أَخْبِط ُعليها مرة وأَحطِبُ أخرى, ثم أصبحت اليوم أسير والناس بِجَنَبَاتى ليس فوقى منهم أحد, ثم تَمثَّل هذا البيت /
لا شئَ مما تَرا تبقى بشَاشَتُه
يبقى الإله ويفنى المال والولد
ثم عمل بالتجارة وتكَسًّب منها فأصبح فى مكة من المُوسِرين.
وعلى الرغم من تمسكه بالوثنية ومقاومة دعوة التوحيد وأتبَاعِها, وما روى من تعاطيه الخمر وغيرها من عادات الجاهلية السيئه إلا أنه كان ممن يعظم شعائرالله ويعرف لها فضلها, وهذا مما بقى من ملة الخليل إبراهيم عليه السلام على الرغم من تفاوته فى النفوس, فقد كان القرشيون فى الجاهلية يعظمون البيت الحرام ويطوفون به ويحُجُّون ويعتمرون ويقفون بعرفة والمزدلِفة ويُهدون الهَدْى ..
فقد سأل عمر بعد إسلامه النبى ( ﷺ ) عن نذر كان نَذَره فى الجاهلية بأن يعتكف ليلة فى المسجد الحرام فأمره النبى ( ﷺ ) أن يُوفِى بنذره ..
وروى أن النبى ( ﷺ ) قال لعمر قد كنت شَديد الشَغب علينا يا أبا حفص فدعوت الله أن يُعزَّ بك الإسلام ..
وعلى الرغم من كل ما ذُكر من صلابة عمر وشدته وقسوته إلا أن هناك بذرة خير فى نفسه وومضةً من نور كانت تختبئ فى سويداء قلبه ..
تحدثنا جارته أم عبد الله بنت أبى حَثْمَةَ فتقول / والله إنَّا لنتهيأ لنرتحل إلى أرض الحبشة وقد ذهب زوجى عامر بن ربيعة فى بعض حاجتنا إذ أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف علىَّ وهو على شركه, وقد كنا نَلقَى منه البلاء فقال / إنه للإنطلاق يا أم عبد الله فقلت / نعم, والله لنَخرُجن فى أرض الله فقد آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله لنا مخرجا, فقال / صحبكم الله, ورأيت له رِقَّةً لم أكن أرها من قبل, ثم انصرف وقد أحزنه خروجنا فيما أَرى, فجاء عامر بحاجتِه تلك فقلت له يا أبا عبد الله لو رأيت عمر آنفا ورقَتَه وحزنه علينا, قال / أطمعت فى إسلامه؟ قلت / نعم, قال / فلا يُسلم الذى رأيت حتى يسلم حمار الخطاب ( يأثم منه لما كان يرى من غلظته وقسوته ).
كانت هذه لمحة عن حياة عمر فى الجاهلية قبل أن يكرمه الله بالإسلام, ولعلنا توسعنا فيها قليلا ولكن لنرى كيف غَيَّرالإسلام هذا الرجل وكيف أصبح علامة فارقة فى تاريخنا
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
بواسطة / آلأمــــــــَِل.ّ | ||
مشاهدات | 15 | |
في | 2024-08-21 23:43:19 |
الحقوق محفوظة لـ سـآگن آلروح،
شات فنون ليبيا للجوال2025 ©