وبالوالدين احسانا

وعلى المسلم أن يظهر الرحمة لوالديه ويتذلل لهما ليشعرهما بحرصه وتقديره لما يقومون به لأجله ويعاونهم عليه، عندها سينال رضاهما بلا شك امتثلا لقوله -تعالى-: (وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ).[٢] مشاركتهما في أداء الطاعة الطاعات متنوعة وكثيرة في شهر الخير، ومن الجميل أن لا يترك المسلم أبويه يقومان بها بشكل منفرد، وأن يصاحبهما في كل فعل فيه خير لقول الله -تعالى-: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا).[٣] مثل أن لا يتركهما يتناولان طعام الإفطار وحدهما بل يؤنسهما بوجوده معهما، وكذلك إيقاظهما على السحور، والمشي معهما إلى المسجد وأداء صلاة التراويح، وتذكيرهما بقراءة القرآن وحضور مجالس العلم معهما. فليس أجمل من أن يشعر الأهل بعد كبرهما بأن أولادهم ما زالوا حولهم وبأن ما غرساه فيهم من خير قد أثمر وآتى أوكله. أداء الشكر للوالدين قرن الله -عز وجل- شكره بالشكر للوالدين في قوله -عز من قائل-: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)،[٤] قيل: الشكر لله على نعمة الإيمان وللوالدين على نعمة التربية. وقال سفيان بن عيينة: "من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله -تعالى-، ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما"،[٥] فلا ينسى الدعاء للأحياء منهم وللأموات ليكتمل مفهوم البر امتثالاً لقوله -تعالى-: (وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا).[٦] وكم من المهم أن يسمع الوالدان كلمات الشكر والثناء من الأبناء، وبأن يشعرانهما بأن كل ما يقومان به لأجلهم كبير ومحط للتقدير عندهم وخصوصا في شهر رمضان الكريم فهما أحوج ما يكونان فيه لكلمات الشكر والامتنان. فضل بر الوالدين في رمضان جعل الله أفضلية لبعض الأزمنة على بعضها في الإسلام، ومنها شهر رمضان -المبارك-، حيث ميزه الله -تعالى- بشرف الزمان عن غيره وفضله على سائر أشهر العام، وجعل السيئة في رمضان أعظم إثماً من السيئة في غيره.[٧] كما أن طاعة في رمضان أكثر ثواباً عند الله من طاعة في غيره، ولما كان رمضان بتلك المنزلة العظيمة كان للطاعة فيه فضل عظيم ومضاعفة كثيرة، وكان إثم المعاصي فيه أشد وأكبر من إثمها في غيره.[٧] ومن جملة هذا الطاعات التي تتضاعف أجورها في شهر رمضان بر الوالدين، فإن كان برهما مطلوباً في كل وقت فإنه أكثر توكيداً في رمضان للاستزادة من الخير، وتجنباً للوقوع في كبيرة العقوق التي تعظم في هذا الشهر بالكيفية لا بالعدد. ........ ......... ربي يرحم موتانا ويطول بعمرك والديكم